محبة علي عليه السَّلام وآله

flower 12

    

قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): معاشر عباد الله عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء، واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الارض والسماء بعد محمد سيد الأنبياء علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) وبموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته ومعاداة أعدائه شركاؤكم. فان رعاية علي أحسن من رعاية هؤلاء التجار الخارجين بصاحبكم - الذي ذكرتموه - إلى الصين الذي عرضوه للغناء(1) وأعانوه بالثراء(2).
أما أن من شيعة علي لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة سيئاته(3) من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة(4) تقول الخلائق: هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين، وفي عذاب الله من الخالدين.
يقال: قطع عرقا تيارا أى سريع الجرية. (لسان العرب: 4 / 9(7)(*)
فيأتيه النداء من قبل الله عزوجل: يا أيها العبد الخاطئ [الجاني] هذه الذنوب الموبقات، فهل بازائها حسنات تكافئها، فتدخل جنة الله برحمة الله؟ أو تزيد عليها فتدخلها بوعدالله؟ يقول العبد: لا أدري.
فيقول منادى ربنا عزوجل: فان ربي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا إني فلان بن فلان، من أهل بلد كذا [وكذا]، قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار ولا حسنات لي بازائها، فأي أهل هذا المحشر كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أو ان شدة حاجتي إليها.
فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) لبيك لبيك [لبيك] أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي.ثم يأتي هو ومعه عدد كثير وجم غفير، وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات.
فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون، كان بنا بارا، ولنا مكرما وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا، وقد نزلنا له عن جميع طاعاتنا وبذلناها له.
فيقول علي (عليه السَّلام): فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك، ووالى آلك، يا أخا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله).
فيأتي النداء من قبل الله عزوجل: يا أخا رسول الله هؤلاء اخوانه المؤمنون قد بذلوا له، فانت ماذا تبذل له؟ فاني أنا الحاكم(5)، ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي(6) من الظلامات، فلابد من فصل الحكم بينه وبينهم.
فيقول على (عليه السَّلام): يا رب أفعل ما تأمرني.
فيقول الله عزوجل: [يا علي] اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله.
فيضمن لهم علي (عليه السَّلام) ذلك، ويقول لهم: اقترحوا علي ما شئتم أعطكموه عوضا عن ظلاماتكم قبله.
فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا بازاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله).
فيقول علي (عليه السَّلام): قد وهبت ذلك لكم.
فيقول الله عزوجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي [بن أبي طالب (عليه السَّلام)] فداء لصاحبه من ظلاماتكم.
ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون من ذلك ما يرضي الله عزوجل به خصماء أولئك المؤمنين.
ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على بال(1) بشر.
فيقولون: يا ربنا هل بقي من جناتك شئ؟ إذا كان هذا كله لنا، فأين يحل سائر عبادك المؤمنين والانبياء والصديقين والشهداء والصالحين؟ ويخيل إليهم عند ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم.
فيأتي النداء من قبل الله عزوجل: يا عبادي هذا ثواب نفس من أنفاس علي [ابن أبي طالب] الذي قد اقترحتموه عليه، قد جعله لكم، فخذوه وانظروا، فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي عوضهم علي (عليه السَّلام) عنه إلى تلك الجنان، ثم يرون ما يضيفه الله عزوجل إلى ممالك علي (عليه السَّلام) في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالي له، مما شاء الله عزوجل من الاضعاف التي لا يعرفها غيره.
ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): " أذلك خير نزلا؟ أم شجرة الزقوم "(2) المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)(3)
قوله عزوجل: " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاء‌ت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمى فهم لا يرجعون ": 17 .
قال الامام [(عليه السَّلام): قال] موسى بن جعفر عليها السلام: مثل هؤلاء المنافقين كمثل الذي استوقد نارا أبصر بها ماحوله، فلما أبصر ذهب الله بنورها بريح أرسلها عليها فأطفأها، أو بمطر.
كذلك مثل هؤلاء المنافقين الناكثين لما أخذ الله تعالى عليهم من البيعة لعلي بن أبي طالب (عليه السَّلام) أعطوا ظاهرا بشهادة: أن لا إله إلا إلله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا وليه ووصيه ووارثه وخليفته في إمته، وقاضي ديونه، ومنجز عداته، والقائم بسياسة عباد الله مقامه، فورث مواريث المسلمين بها [ونكح في المسلمين بها] ووالوه من أجلها، وأحسنوا عنه الدفاع بسببها، واتخذوه أخا يصونونه مما يصونون عنه أنفسهم بسماعهم منه(1) لها.
أو ضمير سماعهم راجع إلى المسلمين، وضمير منه إلى المنافق.
وضمير لها إلى الشهادة، أى اتخاذهم له أخا بسبب أنهم سمعوا منه الشهادة.
فلما جاء‌ه الموت وقع في حكم رب العالمين، العالم بالاسرار، الذي لا يخفى عليه خافية فأخذهم العذاب بباطن كفرهم، فذلك حين ذهب نورهم، وصاروا في ظلمات [عذاب الله، ظلمات] أحكام الآخرة، لا يرون منها خروجا، ولا يجدون عنها محيصا.
ثم قال: " صم " يعني يصمون في الآخرة في عذابها." بكم " يبكمون هناك بين أطباق نيرانها " عمي " يعمون هناك.
وذلك نظير قوله عزوجل " ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا "(1)

___________________________________
(1) " للغى " ط.
(2) " بالشراء " خ ل.
(2) " ميزانه " ب، ط.
(4) " السيارة " أ، والبحار: 8.
(5) " الحكم " ص، التأويل، والبحار.
(6) " العباد " أ.
(7) " قلب " ب، س، ط.
(8) الصافات: 62.
(9) عنه البحار: 8 / 59 ح 82 وج 68 / 106 ح 20، وتأويل الايات: 1 / 90 ح 78 من قوله: معاشر عباد الله، وحلية الابرار: 1 / 303 الباب 17، والبرهان: 1 / 64 ح 1(قطعة).
(10) قال المجلسى - رحمه الله -: الضمير في " منه " راجع إلى أميرالمؤمنين، وفى " لها " إلى الانفس، أى بأنهم كانوا يسمعون منه (عليه السَّلام) ماينفع أنفسهم من المعارف والاحكام والمواعظ.
(11) عنه البحار: 8 / 386 ط.حجر.
والبرهان: 1 / 64 ح 1، والاية الاخيرة: 97 من سورة الاسراء.

 

المصدر: https://makarem.ir

logo test

اتصل بنا