من روائع الأديب جبران خليل جبران في إمام المتقين علي بن أبي طالب (علیهما السلام)

flower 12

    

   

إن علياً لمَن عمالقة الفكر و الروح و البيان في كل زمان و مكان
في عقيدتي أن أبن أبي طالب كان أول عربي لازم الروح الكلية وحاورها وسامرها وهو أول عربي تناولت شفتاه صدى أغانيها على مسامع قوم لم يسمعوا بها من ذي قبل فتاهوا بين مناهج بلاغته وظلمات ماضيهم فمن أعجب بها كان اعجابه موثوقاً بالفطرة ومن خاصمه كان من أبناء الجاهلية...
إن علي بن أبي طالب , كلام الله الناطق، وقلب الله الواعي، نسبته إلى من عداه من الأصحاب شبه المعقول إلى المحسوس، وذاته من شدة الاقتراب ممسوس في ذات الله.
...مات علي بن أبي طالب شهيد عظمته...
مات والصلاة بين شفتيه...
مات وفي قلبه شوق إلى ربه...
ولم يعرف العرب حقيقة مقامه ومقداره، حتى قام من جيرانهم الفرس أناس يدركون الفارق بين الجوهر والحصى..
... مات ابن ابي طالب قبل أن يبلغ العالم رسالته كاملة وافيه، غير أنني أتمثله مبتسماً قبل أن يغمض عينيه عن هذه الأرض..
...مات ابن ابي طالب شأن جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلى بلد ليس ببلدهم، وفي زمن ليس بزمنهم، ولكن لربك شأن في ذلك، وهو أعلم..
... أن علياً هو أول عربي - بعد رسول الله(صلي الله علیه و آله و سلم)- عرف الذات الأحدية.. ولم يفارقها في حبه، وإخلاصه، وصدق سريرته
... أعتقد أن الذين أحبوا علياً قد لبوا دعوة فطرتهم السليمة التي لم تفسدها السياسة، وشهوات الدنيا الآثمة..
... إنّ علياً مات شهيداً؛ شهيد عظمته الإنسانية.. ورقيه الروحاني.. وعقيدته الإسلامية الصافية..
وأنه أغمض عينيه الكريمتين عن هذا العالم، وأنوار الصلاة الرحمانية تسطع على شفتيه بهاء ملكوتياً وأنه ترك هذا العالم قبل أداء رسالته القرآنية بسبب وجوده بين قوم أعشت قلوبهم الأحقاد الجاهلية.. وشهوة حب التسلط، فلم يقدّروه حق قدره.. فحاربوه.. وحرموا البشرية من تحقيق أمانيه في: الحرية.. والمحبة.. والإخاء، والمساواة، والعدل الاجتماعي.. والاقتصادي، تلك الأماني التي كان يريد أن يصبها على الناس أجمعين نعيماً فياضاً بالخير.. والمرحمة.. والبركات.. والعيش البهيج الرغيد..
.. في عقيدتي أن عليا جوهرة بين الحصى، تفرد بمعان جعلت منه الإنسان الكامل...
 حقا إن قريشاً أولت علياً حقداً أزرق لأنه قتل أعيان أبطالها في بدر، وأحد، والخندق....

*الأديب جبران خلیل چبران*

logo test

اتصل بنا