صبره ودعاؤه لنفسهِ وللمؤمنين

flower 12

    

ومن مظاهر حياة الإمام الحُجّة المنتظر (عج) وصفاته النفسيّة الصبر حين وُصِفَ بأنه اشدّ أئمة الهدى محنةً وبلاءاً فيرى الأحداث الجسام التي تنتاب المسلمين من أعدائهم لطول فترات بقائه حيث أشاع المبغضون الباطل والجور وعطلوا أحكام الله وحدوده ونهبوا ثروات المسلمين خصوصاً المستعمرين والكافرين من يهود ومبغضي العترة. وتجري هذه الأحداث بمرأى منه فيتحرَّق ألماً على أُمَّةِ جدِّه المُصطفى (صلى الله عليه وآله). وقد خلُد إلى الصبر وانتظار الأمر وفوّض أمره إلى الله بالدعاء والعبادة فهي كعبادة آبائه الطاهرين الذين وهبوا حياتهم لله وقضوا معظم حياتهم صائمين في نهارهم قائمين الليل لأجل عبادة الله. وقد نقل الرواة مجموعة من أدعيته الشريفة التي تنمُّ عن تعلِّقه بالله وانقطاعهُ إليه ومن دُعائه في قنوته: اللهم مالك المُلك تؤتي الملُك من تشاء وتنزع المُلك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلُّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلِّ شيء قدير. فاسألك بإسمك الذي ألّفت به بين قلوب أوليائك ، وأسألك بإسمك الذي كونت به طعم المياه وأجريت الماء في عروق النبات بين أطباق الثرى وسقت الماء إلى عروق الأشجار في الصخرة الصّماء وأسألك بإسمك الذي به تُبدي وتُعيد. يا من لا تغيّره الأيام والليالي أدعوك بما دعاك به نوح حين ناداك فأجبته ومن معه وأهلكت قومهُ وأدعوك بما دعاك به إبراهيم خليلك حين ناداك فأنجيته وجعلت النارعليه برداً وسلاماً. وأدعوك بما دعاك به كليمك موسى ففلقت له البحر فأنجيته وقومه وأغرقت فرعون وقومه، وأدعوك بما دعاك به روحُك عيسى فأنجيته ورفعته إليك ، وأدعوك بما دعاك به حبيبُك محمدٌ فأنجيته من الأحزاب ونصرته على أعدائك وأسألك بإسمك الذي إذا دُعيت به أجبت يا من أحاط علمه بكلُّ شيء يامن أحصى كل شيء عدداً[1].

يامَن لا تغيّره الأيام والليالي ولاتتشابه عليه الأصوات ولا تخفى عليه اللغات أسألك أن تُصلي على محمدٍ وآل محمد خيرتُك من خلقك وصلِّ على جميع النبيّين والمرسلين الذين بلّغوا عنك الهُدى، وعقدوا لك المواثيق بالطاعة يامن لا يخلف الميعاد إنجز لي ما وعدتني وأجمع لي أصحابي وانصرني على أعدائك وأعداء رسولِكَ ولا تخيب دُعائي فأني عبدُك وأبنُ أمتِك وأسيرُ بين يديك.

ويعتبر دعاء الإمام الحُجّة (عج) تراثاً رائعاً حافلاً بأعلى القيم الإسلامية وذخائر الفكر الإسلامي ، ومن بينها بعض الرسائل التي أرسلها إلى نوّابه وخُلّص شيعته فالدعاء : هو مناجاة مع الله ينمُّ عن صفاء النفس وطهاره الضمير وكان دعاء الإمام الحُجّة لنفسه ولغيره من المؤمنين فيقول في بعض أدعيته[2]:

اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبُعد المعصية وصدق النيّة وعرفان الحرمة وأكرمنا بالهُدى والاستقامة وسدد ألسنتنا بالصواب والحكمة. واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة وطَهِّر بطوننا من الحرام والشبهة ، وأكفف أيدينا عن الظلم والسرقة وأغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة ، وسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة وتفضّل على علمائنا بالزُهد والنصيحة ، وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة وعلى مرضى المسلمين بالشفاء والراحة وعلى مشايخنا بالوقار والسكينة وعلى الشباب بالأنابة والتوبة وعلى النساء بالحياء والعفّة، وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة، وعلى الغُزاة بالنصر والغلبة ، وعلى الأُسراء بالخلاص والراحة وعلى الأمراء بالعدل والشفقة ، وعلى الرعيّة بالإنصاف وحسن السيرة، وبارك على الحجاج والزوّار بالزاد والنفقة، وأقض ما أوجبت عليهم من الحجِّ والعُمرة، بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين. وتوجد مسالك أُخرى للدعاء له (عج) والتوسل إلى الله بقضاء حوائج المؤمنين وشفائهم من الأمراض والعلل. وكذلك زيارة الناحية المُقدَّسة والدُعاء في نهايتها بالسلام على آل ياسين.

ثم دعاء الفرج الذي يفتتحه بقوله: اللهم رب النور العظيم ورب البحر المسجور. ثم دُعاءهُ لشفاء شيعتِهِ ، وعهده إلى بعض شيعته بأن يدعو للنبيّ وأئمة الهُدى (عليهم السلام) الذي يختتمهُ بقوله:

اللهم صلِّ على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفّى وجميع الأوصياء  مصابيح الدجى وأعلام الهُدى ومنارالتُقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم.

وصلِّ على وليّك وولاة عهدك والأئمة من ولده ـ يقصد الإمام علي (عليه السلام) ـ ومُدَّ في أعمارهم وزد في آجالهم وبلِّغهم أقصى آمالهم في الدنيا والآخرة إنّك على كلِّ شيء قدير . فهذا التراث الضخم عبارة عن ثروة لا تُقدَّر تزيد من صلة العبد بربِّه وتجعله مقبولاً عند الله بالسير على خطى وتراث محمد وآل محمد (عليهم السلام).


 

[1] ص 289/ قبسات من سيرة القادة الهداة.

[2] ص 300/ قبسات من سيره القادة الهداة

 

         

       المصدر:سایت السبطین

logo test

اتصل بنا