سبايكر وأوهام العقل التكفيري

كشفت جريمة سبايكر عن خطورة الفكر الداعشي الارهابي وعن نزعة الجريمة في التفكير والسلوك وفي الايديولوجيا، فماحدث عام 2014 من “ابادة جماعية” وضع العالم أمام صورة غرائبية للارهاب ولأوهام العقل التكفيري، ولطبائع العصابات التي قامت بقتل اكثر من 1700 بريء، بدافعٍ من فكرٍ ظلامي، وعنف عصابي، وغلو في الكراهية.

سبايكر وأوهام العقل التكفيري

جريمة سبايكر واحدة من أخطر حلقات الارهاب التي عاشها الاجتماع العراقي، والتي تعرّت فيها الطائفية بوصفها سلوكا للشر، والكراهية بوصفها موقفا ضالا من الآخر، والهوس بالعنف بوصفه شهوة لصنع تاريخ دامٍ، واستعادة “وهم السلطة” الساقطة، وتمثيلا لنزعة الاستبداد وغلو الهوية القاتلة.

ماحدث في ليلة سبايكر لا يشبه مايمكن أن يجري في “الخيال العلمي” ولا في تاريخ الجريمة اسطورياً، ولا حتى في مذابح التوحش في الادغال، إذ كشف الارهابيون الدواعش عن خسة، ونذالة، وخيانة، وتجاوز على الشرع ذاته، إذ لا يجوز قتل الاسير والتمثيل به، ولا يجوز تكفير الاخر  من دون بينة، ولكن ما جُبلت عليه أنفس هؤلاء البغاة، كانت هي رغوة الزيف التي ضلّت، وضللت، وعمدت الى ارتكاب المعاصي، عبر الغلو في الموقف، والفضح في سلوك لم تعهده الانسانية، لا في سابق عهودها، ولا في حواضرها.

استعادة هذه الذكرى هي مسؤولية وطنية وحقوقية واخلاقية، مثلما هي استعادة فتوى الجهاد الكفائي التي اعلن عنها المرجع الاعلى السيد السيستاني، والتي كشفت عن عمق المعرفة بمقاصد الاشرار، ولتضع الجميع أمام معان سامية للدفاع عن العرض والوجود والأرض، وعن تحفيز ارادة الايمان للتصدى لنزعات الشر والكراهية، ولمنع  حدوث “سبايكرات” أخرى، يمكن أن يقدم عليها الدواعش المجرمون، ولإيقاف جرائم السبي الغادر للنساء والاطفال، والذي لم يحدث نظير له في التاريخ أبداً.

لقد ايقظت الفتوى جذوة الانتماء، واعلت من شأن ارادة الانسان، فكانت حافظة للاجتماع، وحامية للوجود، وهو ماحدث فعلا، إذ كشفت صولات المجاهدين عن علوٍ في الهمم، وعن صمود اوقف البغاة في حدود ما اوهموا انفسهم به، بل صارت الصولة الجهادية منطلقا للنصر الكبير الذي تحقق بدماء الشهداء، وبهمة الغيارى الذين بدؤوا سفر تحرير المدن من آمرلي وجرف الصخر وصولا الى بيجي وتكريت والفلوجة والرمادي وانتهاء بتلعفر والموصل، حيث تحولت تلك المدن الى منارات للشهادة والى قلاع للحرية، والى مقابر للدواعش، والى رهان قاطع بنهاية “الفكر الظلامي” الذي عاث فسادا وخرابا وقهرا، واستبدادا وظلما وسبيا واغتصابا.

إن قطع الطريق على أيّ استيهام للفكر الداعشي، ولخلاياه النائمة، ولشرور الأنفس التي تحويه، مرهون بالمواجهة الحقيقية، وبالعمل على تعزيز بناء الدولة ومؤسساتها، وايجاد الروافع الاخلاقية والقانونية والسياسية التي من شأنها خلق البيئة الصالحة، والادارة الرشيدة، والتنمية الثقافية والبشرية الفاعلة، والتي ستكون هي الحصن والقوة الخلاقة، مثلما هي المستقبل الذي يصنع الحياة والامل، ويقوّض جميع الاوهام التي راهن عليها الداعشيون في ليالي حزيران السوداء.

علي حسن الفواز- الصباح

 

المصدر: شفقنا

logo test

اتصل بنا