معطيات الغيبة المهدوية (أهل البيت في حياة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم))

flower 12

كان علي(عليه السلام) مِثل النبي(صلى الله عليه وآله) ومَثَله الظاهر المتمثل فيه شخصيّته الكريمة.. والذي قال فيه النبي(صلى الله عليه وآله): «إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي..»([26])يعني انه كان يحمل في طيّه ذلك الحسّ المرهف الذي كان النبي منعماً به، سوى أنه ليس بنبي.. 
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّ لعليّ علماً بكتاب الله وسنّتي ليس لأحد من أمّتي. يعلم جميع علمي. إنّ الله علّمني علماً لا يعلمه غيري، وأمرني أن اُعلّمه عليّاً ففعلتُ..» قال: «وإنّ الله علّمه الحكمة وفصل الخطاب..»([27]). 
قال عليّ(عليه السلام): «وليس كل أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يسأله فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم.. وكنت أدخل عليه كل يوم دخلةً وكل ليلة دخلةً فيخليني فيها أدور معه حيث دار. وقد علم أصحاب رسول الله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري.. إذا سألته أجابني وإذا سكتُّ أو نفدَت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آيةٌ من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتُها بخطّي، ودعا الله أن يُفهمني إيّاها ويُحفّظني. فما نسيتُ آيةٌ من كتاب الله منذُ حفظتها. وعلّمني تأويلها، فحفظته وأمْلا عليّ فكتبته..
ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علماً وفهماً وفقهاً وحكماً ونوراً، وأن يعلّمني فلا أجهل، وأن يُحفّظني فلا أنسى..»([28]). 
واختلف جماعة في قراءة آي من القرآن فجاء بهم ابن مسعود الى النبي(صلى الله عليه وآله)وعليّ عنده، فقرأ كلّ قراءته.. فأسرّ النبي الى عليّ، فقال عليّ: رسول الله يأمركم أن يقرأ كلّ رجل منكم كما عُلّم.. 
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد([29]).. 
وكان النبي(صلى الله عليه وآله) يحفظ عليه ما نزل من الآيات إذا كان غائباً.. 
قال سليم بن قيس الهلالي - وقد عدّه النجاشي من الطبقة الاُولى من زمرة السلف الصالح ([30])-: جلست الى علي(عليه السلام) بالكوفة في المسجد والناس حوله، فقال: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما نزلت آية من كتاب الله إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعلّمني تأويلها... 
فقال ابن الكّوا - وهو عبدالله بن عمرو اليشكري عالم نسّابة ومسائله مع أمير المؤمنين معروفة -: فما كان ينزل عليه وأنت غائب؟ 
قال: بلى، يحفظ عليّ ما غبتُ عنه، فإذا قدمت عليه قال لي: يا عليُّ، أنزل الله بعدك كذا وكذا، فيقرئنيه، وتأويله كذا وكذا فيعلّمنيه..([31]). 
نعم، لم يكن أحد أمسّ برسول الله(صلى الله عليه وآله) من علي(عليه السلام) في سبيل اكتساب المعالي، كما لم يألُ النبي جُهداً في تربية عليّ وتعليمه وتهذيبه.. حتى اصبح مستودع علمه وينبوع حكمته.. الأمر الذي كان معروفاً في حياة النبي ومشهوداً للجميع.. ومن ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «عليٌّ عيبة علمي». 
وهذا العلم الذي علّمه النبي(صلى الله عليه وآله) قد توارثه أولاده الأطيبون الأئمة من أهل بيته. 
قال الامام الصادق(عليه السلام): «إنّ الله علّم نبيّه التنزيل والتأويل، فعلّم رسول الله(صلى الله عليه وآله)عليّاً وعلّمنا، والله..»([32]).
وهكذا امتدّ العلم واستمرّ في ذرّية رسول الله(صلى الله عليه وآله) باقياً لا ينقطع.

   

المصدر: سایت السبطین  

_____________________________________
 [26]) نهج البلاغة 1 / 301 (صبحي الصالح) الخطبة القاصعة برقم 192. 
([27]) في حديث طويل مع ابنته فاطمة الزهراء صلوات الله عليها.. رواه سليم في كتابه / 71. 
([28]) كتاب سليم / 106. 
([29]) ابن شهر آشوب في المناقب 2 / 42، وتفسير الطبري 1 / 10، ومستدرك الحاكم 2 / 223 - 224. 
([30]) توفي مختفيا عن الحجّاج حدود سنة 90. 
([31]) كتاب سليم برواية ابان بن عيّاش البصري التابعي 213 - 214. 
([32]) المولى الفتوني في مرآة الأنوار / 15.
 

logo test

اتصل بنا